رئيس مجلس الإدارة
طارق لطفى
رئيس التحرير
أحمد سليمان
د. فتحي شمس الدين
استاذ الإعلام وخبير الإعلام الرقمي
الميتافيرس وتكنولوجيا الواقع الافتراضي.. ثورة رقمية تعيد تشكيل مستقبل البشر
يشهد العالم في السنوات الأخيرة طفرة غير مسبوقة في مجالات التكنولوجيا الرقمية، تقودها تقنيات الميتافيرس والواقع الافتراضي، اللتان تمثلان بوابة نحو عصر جديد تتداخل فيه حدود العالم الواقعي بالعوالم الرقمية.
فبعد أن كانت الإنترنت وسيلة للتواصل والمعلومات، أصبح الميتافيرس منصة تفاعلية متكاملة يعيش فيها الإنسان تجربة رقمية تشبه الواقع، بل تتجاوزه في كثير من الأحيان.
يقوم مفهوم الميتافيرس على بناء عوالم افتراضية ثلاثية الأبعاد، يستطيع الأفراد الدخول إليها عبر تقنيات الواقع الافتراضي (VR) أو الواقع المعزز (AR)، والتفاعل داخلها بشخصيات رقمية “أفاتار”، في بيئات تحاكي الحياة الحقيقية: من العمل والتعليم إلى الترفيه والتجارة.
أما الواقع الافتراضي فيمثل البنية التحتية التي تمكّن المستخدم من الاندماج الحسي الكامل داخل هذه العوالم، من خلال نظارات وأجهزة خاصة تنقل الرؤية والصوت والحركة في تجربة فريدة من نوعها.
تتجه العديد من القطاعات العالمية نحو استثمار هذه التكنولوجيا؛ ففي مجال التعليم بدأت الجامعات الكبرى بتطبيق بيئات تعليمية افتراضية تحاكي المعامل والقاعات الدراسية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعلم التفاعلي. وفي الطب تُستخدم تقنيات الواقع الافتراضي في تدريب الأطباء على العمليات الدقيقة، وفي إعادة تأهيل المرضى عبر محاكاة واقعية للحركة.
أما الاقتصاد الرقمي، فقد شهد ظهور أسواق افتراضية وشركات تعمل بالكامل داخل الميتافيرس، حيث تُباع وتُشترى السلع والخدمات بالعملات الرقمية.
ورغم هذه الإنجازات، لا تخلو التقنية من تحديات، أبرزها قضايا الخصوصية والأمان الرقمي، ومخاطر الإدمان والانفصال عن الواقع، إضافة إلى الحاجة إلى بنية تحتية رقمية قوية تتيح وصولاً عادلاً لهذه التقنيات.
وفي ظل هذا المشهد العالمي، تبدو مصر مطالبة بمواكبة التحول، من خلال الاستثمار في التعليم الرقمي، وتشجيع الابتكار في مجالات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، وتهيئة جيل قادر على قيادة المرحلة القادمة من الثورة التكنولوجية.
إن الميتافيرس ليس مجرد خيال علمي، بل واقع يتشكل أمام أعيننا، يحمل في طياته فرصاً هائلة وتحديات جسيمة، وسيكون له تأثير عميق على شكل الحياة والعمل والتواصل الإنساني في المستقبل القريب.
د. فتحي شمس الدين
استاذ الإعلام وخبير الإعلام الرقمي
